الكتاب: بغداد في العشرينات
.
المؤلف: عباس بغدادي.
تقديم: عبد الرحمن منيف.
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
من المؤكد أننا لن ننسى بغداد، بالرغم من أننا نخاف النسيان أن يلمس بعضاً من الأماكن والناس والأشياء التي هي توائم للروح، ومنها وفيها استمد العمر نكهته، وخوفاً من هذا النسيان ننشط الذاكرة على الدوام باستعادة الذكريات السعيدة والأيام الحلوة، ومن أجلها نستجلب بعض الأوقات المرة أيضاً، والأماكن التي سكنتها الروح، وتشتاق إليها العين. لكن عبارة (أيام غابرة) التي يستخدمها بقسوة العديد من الكتاب في وصف الماضي الجميل ترعبنا فنحن لا نرضى للغبار أن يغطي أشياءنا النفيسة وأماكننا الساحرة.
هل نجح عباس بغدادي العاني في الإمساك بالأيام والأماكن والذكريات أو بعضها وحفظها في كتابه (بغداد في العشرينات- 375 صفحة) الذي كتب مقدمته الروائي عبد الرحمن منيف، واحتلت الغلاف الأمامي منه صورة لسوق الصفافير عام 1931.
يقول عبد الرحمن منيف في مقدمة الكتاب:
"هذا الكتاب بالغ الأهمية، شديد الغنى، وهو من الكتب القليلة في هذا الموضوع، أنه ليس مذكرات شخصية ولا كتاباً في السياسة، كما أنه ليس من كتب (الخطط)، كما يطلق على بعض الكتب التاريخية- الجغرافية التي تتناول المدن، وليس كتاباً بحثياً، نتيجة الدراسة والتقصي لمدينة في مرحلة تاريخية معينة. إنه بالدرجة الأولى، كتاب صادر عن العقل والقلب معاً، وهو بمثابة شهادة قبل أن يكون كل الموضوعات التي أشرنا إليها وأخرى غيرها.
وبقدر أهمية هذا الكتاب في إعادة رسم مدينة خلال مرحلة محددة، بحيث يمكن على ضوء المعلومات التفصيلية الواردة فيه استعادة ملامح تلك المدينة، وبحيث يُذَكّر المسنين بالتالي ويطربهم، فإنه بالقدر نفسه بالغ الشأن للأجيال الحالية، لأن أكثر ما ورد فيه هو بمثابة ذاكرة ضافية تسند وتقدم العون لقراء الحاضر على ضوء المقدمات والأسباب التي كانت من قبل. ويؤكد الأستاذ عبد الرحمن منيف أن الكتاب يعد من المراجع المهمة حين يراد استعادة تاريخ بغداد بعد العشرات وربما المئات من السنين، كما يُرجع الآن إلى كتب بن إياس والجبرتي وعلي مبارك لقراءة أحوال مصر في القرون الثلاثة الأخيرة، أو كما يرجع إلى كتاب البديري، الحلاق الشامي الذي سجل حقبة من أحوال دمشق خلال القرن الثامن عشر"
_________________
